الممارسة الرقمية .. المواطن الواعي والمواطن الكلب

أظهرت الممارسة الرقمية لوسائل الإعلام في الأردن انتشار كمية هائلة وغير واضحة من العنصرية مع انتشار الأفكار الداعمة للعنصرية، ونشر خطاب الكراهية والتحريض التي لم تتوقف حتى في أشد الأوقات سوداوية، تنشرها حسابات وهمية مدعومة من جهات ودول تدعي أنها (أردنية) “تدافع عن همومها” كما تقول، وتهاجم أي طرف يخالف توجهاتها يعدد الإيجابيات التي تحتضن آراءه، وبفعل هذه التصرفات أصبحت البيئة الرقمية ساحة لسجالات عنصرية وخطابات الكراهية، وأصبح كل حساب على المنصات الاجتماعية سواءً كان حقيقيًا أو وهميًا رأس حربة في مواجهة أي الطرف طعنا وتخويناً وقذفاً.
أردنياً، أكد الدستور الأردني على مبدأ “المساواة” و “عدم التمييز على أساس العرق أو اللغة أو الدين” ونصت مواده على أن “الأردنيين سواسية أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين”، ونصت المادة الـ 14 من الدستور: “الدولة تحمي حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية في المملكة ما لم تكن مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب”.
ويؤكد قانون الإعلام المرئي والمسموع على “التزام وسائل الإعلام المختلفة بعدم نشر أو بث كل ما من شأنه إثارة النعرات الطائفية والعرقية، أو ما من شأنه الإخلال بالوحدة الوطنية، أو الحض على التفرقة العنصرية أو الدينية”.
ويُجرّم قانون العقوبات الأردني وقانون الجرائم الإلكترونية خطاب الكراهية الذي تم تحديده: بـ “كل كتابة أو خطاب أو عمل يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة”.
وطالما أن الدستور الأردني يرفض العنصرية، وقانون الإعلام المرئي والمسموع يؤكد على “التزام وسائل الإعلام المختلفة بعدم نشر أو بث خطاب الكراهية، ويُجرّم قانون العقوبات الأردني وقانون الجرائم الإلكترونية خطاب الكراهية وإثارة النعرات الطائفية، ظهر المواطن الكلب مع تقديري لوفاء الكلب أكرمكم الله.
لو قدر لك جمع ومراقبة وتحليل عدد من الحسابات الناشطة في مخالفة بنود الدستور الأردني والتي تحرض على خطاب الكراهية؛ دقق في مضامين الرسائل الإعلامية ستجد أنها تسير على وتيرة واحدة ضمن أيديولوجيا اللغة، النص والصورة وضمن سياسات واضحة في الهجوم تجاه كل مخالف.
حيث تعتمد تلك الاستراتيجيات على مخاطبة العاطفة والوجدان قبل العقل، باستخدام خطاب فعاّل له القدرة على تغيير الوظائف النفسية للأفراد من خلال المجال الثقافي الاجتماعي لإعادة تحديد قواعد سلوك للجماعة بهدف صياغة أو تعديل التعريف لسلوك اجتماعي متفق عليه من أعضاء الجماعة، ومن الاستراتيجيات نشر وبث معان جديدة أو التغيير في المعاني القائمة، للوصول إلى سلوك جديد والادعاء بتشكيل هوية جديدة، مع التذكير بين كل حين وآخر أن الفئات المختلفة من اللاجئين أخذت على غير وجه حق كافة الحقوق وأنهم محرومون اقتصاديًّا، ومهمشين اجتماعيًّا وسياسيًّا.
من يعمل وفق هذه الاستراتيجيات يعمد على التلاعب في الخطاب مضمونًا ونصًا للتأثير على العقول والمعتقدات والآراء، من خلال اعتماد أفعال كلامية ومعان موضوعية دقيقة أو استعارات بلاغية واختيار كلمات وتعبيرات ذات تأثير قوي للتلاعب بالمعلومات ظاهرة، وتضمين معلومات أخرى، وصولاً إلى التضليل المعلوماتي بإخفاء الحقائق أو تحريفها لتوجيه الرأي العام نحو أهداف معينة عن طريق الخداع.
ما بين المواطن الواعي والمواطن الكلب يحتكر الخطاب الشعبوي الحديث باسم الشعب ويشكك في انتماء المخالفين وإخلاصهم الوطني وما بينهما فروقات جوهرية الأول أداء لمشغليه دون عقل؛ والثاني مستقل فكريًا وهذا أهم ما في الأمر، الأول عبد رخيص للفساد والرشوة، ومساهم نشط في التعصب الطائفي والحزبي ونشر الكراهية والحقد ضد كل مخالف، وما هو إلا مجرد أداة مسخرة بعبودة واضحة لخدمة مشغليه، دون أي اعتبار لكرامته أو حقوقه، مما يجعل منه بين عشية وضحاها، مجرد كلب في نظر ولي النعمة.
إن أول خطوة لتكون مستقلاً وتتحمل مسؤوليتك الفكرية أن تعرف وسائل التلاعب بالوعي، وكما قال المفكر الجزائري مالك بن نبي “الفكر يضع قناعاً خاصاً على الوجه”، ويبقى الطبع ومهما حاولت الظروف كسره وتهذيبه يبقى غلاب، وتبقى العنصرية ثقافة تظهر على شكل سلوك تغذيها المرويات الشعبية، والخطابات السياسة عند بعض “النخبة” إما علناً أو في الأوساط الخاصة، كما يُغديها الخطاب الفكاهي عن سابق إصرار وقصد وترصد، وعلينا أن نعي تمامًا أن مصيرنا مشترك على هذه الأرض بكل مكوناتها ومن يرى غير ذلك فأرض الله واسعة.