الأخبار الكاذبة

الدراما والكذب العابر للتاريخ

الشعوب على اختلاف درجات وعيها تحتاج إلى دراما تاريخية تتميز بالمصداقية، ومن لا ماضي له لا مستقبل أمامه وصناعة الدراما وما تحلمه من قوة وتأثير تسهم في زيادة قوة الدولة ونشر تأثيرها عبر قوتها الناعمة، وتسهم في بناء الأجيال الجديدة وإعدادها للدفاع عن الأرض والقيم والمبادئ.

تكن قوة الدراما في الرسائل المهمة والمقنعة التي أصبح لها تأثيرًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام، وهي أسرع وأعمق انتشاراً، وتساهم في تشكيل وبناء الوعي الجمعي، وأحد الركائز الأساسية للتطور الاجتماعي، ويؤدي انعدام تطور الوعي الجمعي إلى انهيار المجتمع.

وضمن مسلسلات رمضان للعام الحالي 2022 والبحث عن قصص تؤرخ لحياة الشعوب وقصص كفاحها والمنجزات الحضارية؛ أنتج أكثر من مسلسل يوثق التاريخ الحديث ومسلسل تاريخي قديم بعنوان “فتح الأندلس” وهو أول مسلسل تاريخي كويتي، حيث يوفر الإنتاج الدرامي لقصص التاريخ وأحداثه؛ يوفر بيئة جذب ويساههم في تشكيل الصورة الذاتية بما تحمله من انتصارات وانجازات، واعتزاز الشعوب بماضيها والانتماء السياسي والحضاري لها.

وعندما نلاحظ طبيعة الدراما العربية المُنتجة خلال العام 2022، والتي حملت البعد التاريخي للأحداث نجد أنها تناولت الأحداث من رؤية واحدة وتحمل في طياتها هجوماً على كافة التيارات المختلفة سواء كانت الإسلام السياسي أو التيارات اليسارية والليبرالية والحقوقية.

وعند تشريح المنتج الدرامي من المسلسلات التاريخية وهو المنتج الأعلى طلبًا والغائب في كل موسم درامي؛ الأصل أن تتبنى تلك المسلسلات قيم الصدق وتبتعد عن التحيز والتزييف بما يحقق المصداقية التاريخية، كذلك أن لا تكون الدراما التاريخية للتسلية ونشر رؤية وإخراج وإبداع فني وموسيقى تصويرية عالية المستوى؛ بل لتحقيق الكثير من الأهداف السياسية والثقافية، وتقديم اتصال عابر للثقافات لزيادة حضور الدولة بثقافتها وقيمها وإنجازاتها، ونشر منظومة القيم التي تؤمن فيها الدولة المنتجة للعمل الدرامي والتي تسهم في إعداد جيل جديد وتعلّم الشباب قيم قادتها وأخلاقياتهم.

الشعوب على اختلاف درجات وعيها تحتاج إلى دراما تاريخية تتميز بالمصداقية، ومن لا ماضي له لا مستقبل أمامه وصناعة الدراما وما تحلمه من قوة وتأثير تسهم في زيادة قوة الدولة ونشر تأثيرها عبر قوتها الناعمة، وتسهم في بناء الأجيال الجديدة وإعدادها للدفاع عن الأرض والقيم والمبادئ.

وتبقى الدراما سواء كانت تاريخية أو اجتماعية تنشر القصص الحياتية المختلفة ومراحل التأسيس والكفاح التاريخي ونشر المنجزات الحضارية ضمن رؤية لا يمكن العبث بها أو تزويرها لأن قصص التاريخ واحداثها لا تزور ولا يمكن العبث بها لو كان الهدف منها الانتشار والبقاء مدة أطول على الشاشات، ولكن ما قدم مؤخراً في الدراما التأريخية الحديثة قدمت بأيد منتجين محسوبين على جهات ودول انتجت تحت بند الدعاية البيضاء الصريحة والعلنية معروفة المصدر وتتحمل الدولة والجهة المنتجة مسؤولياتها وما قُدمت إلا لتغطية سواد المشهد، والشعب الذي يستورد المعرفة ويسارع إلى تبني قيم الآخر بما تحمله مسلسلاته من قيم ورسائل دون فهم أو وعي ولا يقوم بإنتاجها لن يكون له دور في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى