إعلام رقمي

لا خصوصية في العالم الرقمي

 لا خصوصية لأي مستخدم رقمي على الإنترنت؛ فأنت عندما تدخل عالم الانترنت والمنصات الاجتماعية جزءاً منها فقد رهنت خصوصيتك وأصبح تتبع أفعالك وتصرفاك وحركات ومشترياتك وإعلاناتك على شبكة الإنترنت سهلاً متاحاً ليس للحكومات؛ ولكن لأصغر شركة علاقات عامة تملك أدوات تحليل بسيطة

مرة أخرى يثار الجدل حول سياسة الخصوصية على تطبيقات المراسلة الفورية، خاصة بعد إعلان تطبيقWhatsApp منع مستخدميه الذين يرفضون الموافقة على شروطه الجديدة من استعمال حساباتهم اعتباراً من الثامن من فبراير؛ وبمجرد أن يبدأ المستخدم باستخدام التطبيق تظهر أمامه رسالة تطلب منه تحديث سياسة الخصوصية الخاصة بالتطبيق التي تسمح بمشاركة بعض بيانات مستخدميه مع شركة Facebook‎‏ المالكة للتطبيق وتخصيص مساحة للتفاعل مع الإعلانات.

عالمياً يبلغ عدد مستخدمي تطبيقWhatsApp  +2.2 مليار، وقد مرت مراحل تحديث التطبيق بعده مراحل منذ عام 2016، وتنص الشروط الجديدة على جمع المعلومات ومشاركتها مع شركات Facebook الأخرى، مثل: رقم الهاتف، وصورة الحساب، ونشاطات المستخدم على التطبيق إضافة لتحديد المعرف الرقمي (IP) لجهاز الحاسوب أو هاتف المستخدم وموقعه ولغته، وجمع معلومات حول المعاملات والبيانات المالية الخاصة بالمستخدمين، علماً أن الشروط الجديدة لا تنطبق على دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.

ومن هنا بدأت الاختلاف وبدأ ترشيح تطبيقات “يعتقد” مستخدميها أنها تحترم الخصوصية الفردية مثل Telegram وSignal وما زاد الطيب بِله تغريدة ألون ماسك مؤسس شركة سبيس إكس ورئيسها التنفيذي، والمصمم الأول فيها، والمؤسس المساعد لمصانع تيسلا موتورز ومديرها التنفيذي والمهندس المنتج فيها، حيث نصح متابعيه باستخدام تطبيق Signal. وهنا يطرح سؤال ما أوجه الاختلاف بين Signal وWhatsApp؟

طرح تطبيق Signal لأول مرة عام 2014م، وتتلقى الشركة المالكة للتطبيق تمويلاً من منظمات غير ربحية تُعنى بضمان حرية التعبير، ويُعتقد أنه من الصعب على طرف ثالث اختراق محادثاته، وهناك العديد من أوجه التشابه بين تطبيقي Signal وWhatsApp، فكلاهما يستخدم نفس تقنية التشفير “طرف إلى طرف” مما يعني أنه لا يمكن فك تشفير الرسائل أثناء إرسالها بين الأجهزة، لكن الاختلافات بينهما جذرية فمثلًا يضمن تطبيق Signal تشفير كامل للرسائل المحفوظة داخل النسخة الاحتياطية، وطرق مختلفة من أجل قياس واختبار تشفير مفتوح المصدر، كما يُمكن تعديل طرق التشفير وتطويره من قبل المستخدمين، بالإضافة إلى إرسال رسائل التدمير التلقائي إلى المستخدمين أو الرسائل ذاتية التدمير بعد فتحها، ولا يحتفظ بمعلومات عنك أو نشاطاتك.

بينما يسمحWhatsApp  بتخزين كم هائل من البيانات المتعلقة بالمستخدم ونشاطاته، ويجمع المعلومات لمشاركتها مع Facebook، ولكن لن يجمع البيانات الحقيقية للمستخدم بل يستعمل البيانات الوصفية وهي عبارة عن خوارزميات تصف لشركات Facebook الأخرى اهتماماتك ونشاطاتك، وهي مفيدة بشكل كبير في الإعلانات الرائجة للمستخدم.

كما أعلن “إدوارد سنودن” عميل وكالة الأمن القومي السابق أن Signal هو تطبيقه المفضل ويستخدمه يومياً، ونصحت مجلة fast company المتخصصة بالتكنولوجيا والأعمال القراء بأنه “يجب أن يكون تطبيق المراسلة الأساسي الذي تختاره”.

خلاصة القول: لا خصوصية لأي مستخدم رقمي على الإنترنت؛ فأنت عندما تدخل عالم الانترنت والمنصات الاجتماعية جزءاً منها فقد رهنت خصوصيتك وأصبح تتبع أفعالك وتصرفاك وحركات ومشترياتك وإعلاناتك على شبكة الإنترنت سهلاً متاحاً ليس للحكومات؛ ولكن لأصغر شركة علاقات عامة تملك أدوات تحليل بسيطة، لذا من قال أن التنافس ما هو إلا على حصه السوق فقد صدق والحجة منح المستخدم مطلق الشعور بالحرية في التعبير عن رأيه ولكن الأمر لا يتجاوز تنافس استهلاكي على شرائح من الجمهور، وما عبارة “ننصح جميع المستخدمين بقراءة سياسة الخصوصية وشروط الاستخدام قبل الاستخدام” إلا من باب ذر الرماد في العيون ليكون كل شيء بموافقتك وحتى إن لم توافق؛ فقد تركت آثارك الرقمية التي يمكن تتبعها طالما ولجت الإنترنت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى