فلسطين

الدروز قصة الخيانة

لست من دعاة الفتنة أو من يمجدون الحروب الطائفية والتحريض وسأبين هنا كيف خانت الطائفة الدرزية الفلسطينيين والعرب بعد أن كانوا جزءًا من جيش الإنقاذ في حرب فلسطين ١٩٤٨ وانظموا إلى القوات “الإسرائيلية”…

في البداية ومن خلال قراءة تصرفات الأقليات في فلسطين لا بد من التنويه أن الدروز أكثر تأكيداً من غيرهم على هويتهم الإسرائيلية، وعدد قليل منهم يعرفون أنفسهم على أنهم فلسطينيين، في حين يميل الغالبية من دروز الجولان على التماهي مع الهوية والقومية العربية وبالأخص الهوية السورية.

خلال حرب فلسطين ١٩٤٧ -١٩٤٨، تعرض الدروز في فلسطين لضغوط من كل من قبل قيادات “اليشوف” اليهودية واللجنة العربية العليا، ووجدوا صعوبة في تكوين رأي حول الصراع بين اليهود والفلسطينيين، وداخل المجتمع الدرزي كان هناك اتجاهات متعارضة في القرى المختلطة الدرزية التي تضم مجتمعات إسلامية ومسيحية كانت هناك نزاعات طائفية قديمة بين الدروز والمُسلمين، وفي القرى الدرزية بالقرب من حيفا والمستوطنات اليهودية في الجليل الغربي، مال زعماء الدروز المحليين إلى تفضيل اليهود في النزاع؛ في حين في القرى الدرزيَّة الواقعة في المناطق العربية، كان القادة المحليون أكثر حذراً بدعم اليهود، وكلفت الوكالة اليهودية لإسرائيل “جوش بالمون” لإدارة العلاقة مع الدروز، وهدف من اللقاءات التأكد من أن الدروز لن ينضموا إلى اللجنة العربية العليا.

وخلال الحرب وخلافًا لنظرائهم المسلمين والمسيحيين، لم تدمر أيّا من القرى الدرزية، ولم يجبر الدروز على ترك قراهم بشكل دائم، وفي عام 1948 جمع الحكام العسكريين الإسرائيليين المواطنين المسيحيين في مراكز بعض القرى في منطقة الجليل، من أجل ترحيلهم من البلاد، فقام زعماء القرية الدروز، وأصرّوا على إبقاء جميع المواطنين المسيحيين في بيوتهم، واستعملوا كل نفوذهم وقدراتهم، من أجل أن يظل المواطنون المسيحيون في بيوتهم. كما أشارت دراسة: “العلاقات الدرزية المسيحية في أعقاب زيارة البابا للبلاد” 2018

ضمت العديد من القرى في منطقة الجليل في فلسطين على مجتمعات درزية ومسيحية وإسلاميّة، ولذلك أصدرت أوامر إلى القادة العسكريين بأن يتركوا لضباط الاستخبارات عملية اتخاذ القرار بشأن من يستطيع أن يبقى ومن لا يستطيع، وكان الدروز قد أصبحوا وقتها متعاونين جداً مع اليهود، وفي القرى التي كانت آهلة جزئياً بالدروز، أٌعفي المسيحيون بصورة عامَّة من الطرد، وفي القرى التي ضمت مجتمعات خليطة من الدروز والمسلمين مثل قرية عمقا، قامت القوات الصهيونية بترحيل المسلمين إلى خارج الحدود، في حين سمحت للدروز التوجه إلى القرى الدرزية المجاورة. كما أشار بار إيلان في كتابه التطهير العرقي في فلسطين ص ١٨٠ -١٨٧.

وفي بعض القرى المختلطة سمح للدروز بالبقاء، وصدرت أوامر بطرد نصف سكانها، ومعظمهم من المسلمين، ومن ثم سمح للاجئين المسيحيين من قرى مجاورة أخليت حديثاً بالاستقرار فيها، وفي قرية عسفيا طالب أعيان الدروز من المسؤولين في القوات الصهيونية بطرد السكان البدو منها بادعاء أنهم لصوص”، ولكن رفض القائد المسؤول القيام بالعملية، لم تتعرض قرية الرامة في الجليل ذات الأغلبية المسيحيّة للتهجير بسبب ضمها على عدد كبير من السكان الدروز، ونجحت سياسة “فرقّ تسد” في حالة الدروز، الذين وعدوا بالحصانة والأسلحة والامتيازات، فإن المجتمعات المسيحيَّة الفلسطينيَّة كانت أقل تعاوناً. كما أشار بار إيلان في كتابه التطهير العرقي في فلسطين ص ٢٠٩.

كانت القرية الدرزية الوحيدة التي استضافت جيش الإنقاذ قرية “يانوح”، وفي سبتمبر 1948 تم إرسال المزيد من المقاتلين في جيش الإنقاذ إلى القرية كتعزيزات لدعم دفاع ترشيحا حيث كان يوجد مقر جيش الإنقاذ، في 29 أكتوبر شنت القوات الإسرائيلية عملية حيرام، وهي عملية أسفرت عن أسر الكثير من الجليل الأوسط وبعض القرى في جنوب لبنان. خلال العملية، قاوم السكان المسلحون في قرية يانوح وجت كتيبة السيف التابعة للجيش الإسرائيلي، والتي انتهت بمقتل 17 جنديًا إسرائيليًا، وكان 14 منهم من الدروز. لم تكن الوحدة الإسرائيلية تتوقع مواجهة مع القريتين لأن ممثلي يانوح قد أبرموا في السابق اتفاقية سرية مع السلطات الإسرائيلية بعدم المقاومة، وتم منح أسر الجنود الدروز القتلى تعويضات من قبل سكان يانوح وجت، على الرغم من إهمال القريتين في وقت لاحق من الحكومة عندما فرضت إسرائيل سيطرتها على المنطقة حيث كان يُنظر إليهما على أنهما خانتا “الدولة”. كما جاء في كتاب الدروز في الدولة اليهودية: لمحة تاريخية موجزة ٦٩-٧٠.

واخيراً ما يؤكد تفوقت العصابات اليهودية على مسألة اللعب بالأقليات الأثنية، فقد أشار بار إيلان في كتابه: “التطهير العرقي في فلسطين” أن الطائفة الدرزية التي تعتبر نفسها مسلمة انظموا إلى جيش الإنقاذ؛ ولكن في إبريل 1948 فّر 500 منهم من جيش الإنقاذ وانظموا إلى القوات اليهودية، وطلب الفارون افتعال معركة وهمية وأخذهم أسري في الجليل ومن ثم يعلنون ولائهم للصهيونية وجرى تمثيل المعركة الوهمية بالقرب من بلدة شفا عمرو ثم وقع قادة الدروز معاهدة عرفت باسم معاهدة حقن الدماء وكانت النتيجة أن الطائفة الدرزية أصبحت الأداء الرئيسية بأيدي اليهود لتنفيذ تطهير الجليل عرقيًا، وولد لدى باقي الفلسطينيين نفوراً شديداً من الدروز وتبعها الشركس بولاء 350 منها للقوة العسكرية اليهودية، ومن اليهود والشركس تشكلت فيما بعد نواه حرس الحدود الإسرائيلي الوحدة العسكرية لحفظ الأمن في المناطق المحتلة لاحقاً عام 1967.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى