الحرب عبر الـ تيك توك

فرضت الآلة الإعلامية وجودها في زمن الحرب، وساهمت الحروب بشكل كبير في تطور وسائل الإعلام، فمثلاً مع “الثورة الفرنسية” تم اختراع التلغراف 1793 واستخدم لتنسيق الحرب بين باريس وليل، وخلال “معركة القرم” 1853 – 1856 بين روسيا والدولة العثمانية ظهر المراسل الصحفي العسكري مع “وليام هاورد” 1854، وأثناء “الحرب العالمية الأولى” 1914 – 1918، انتشرت السينما والصورة وأصبحت الأفلام وسيلة للتوجيه، ومع “الحرب العالمية الثانية” 1039 – 1945 انتشر الراديو، ومع “حرب فيتنام” 1955- 1975 تربع التلفزيون على عرش المواد الإعلامية، ومع “حرب الخليج الثانية” 1991 ظهرت القنوات الفضائية التي تعلمت من درس حرب فيتنام فمنعت ظهور أكياس الجثث السوداء ومشاهد الدم والجثث المقترحة.
في الحرب الروسية – الأوركرانية هناك ميزات مكّنت وسائل الإعلام “الاجتماعية” أن تكون مؤثرة بشكل واضح في الحرب فدخلت منصات التواصل الاجتماعي بقوة على مشاهد نشر أخبار وصور الحرب، وتصدر تطبيق الـ “تيك توك” نقل الأحداث عكس الذي ساد العالم العربي خلال العام 2011 وما بعده فقد كان تويتر والفيسبوك هما المسيطران، وما ميز تطبيق الـ “تيك توك” سهولة الاستخدام، فهو تطبيق بلا تفاصيل كثيرة عكس الفيسبوك، ولا يحتاج إلى أدوات للتحرير مثل اليوتيوب، ولهذا كان الـ “تيك توك” الأسرع في نقل مشاهد الحرب.
بعد بدأ الحرب وعمليات الاقتحام للحدود ظهرت اللقطات الحصرية من التطبيق وتمثلت في الاشتباكات القريبة وتتبع القوات من الطرفين حتى مشاهد وصول المرتزقة من الطرفين كانت حاضرة ضمن قصص التطبيق؛ والسبب طبيعة خوارزميات التطبيق التي تعمل على ترشيح نوعيات المحتوى التي تظهر للمستخدم، ولهذا يمكن لأي فيديو مهما كان جاد أو هزلي حقيقي أم مفبرك أن يتحول إلى ظاهرة عالمية ويشاهده الملايين بعد نشره.
وحتى نفهم كيف تحقق مقاطع التطبيق الانتشار، فالأمر بكل بساطة يتم من خلال أمرين الأول: طبيعة عمل الخوارزميات التي سبق الإشارة لها، والثاني: طريقة الترويج للتطبيق من خلال نشر ومشاركة مقاطع الفيديو خارج التطبيق، كما أن التطبيق من الوسائل المرئية الأكثر جاذبية للمستخدمين فهو مصدر لا ينضب لمحتوى الفيديو ومنتشر في أوساط الشباب والمراهقين وحتى الأطفال بطريقة مخيفة جداً.
في الحرب الروسية – الأوكرانية ومع نشر الفيديوهات داخل وخارج التطبيق وانتشار هاشتاق Ukraine# الذي تجاوز عدد المشاهدات للهاشتاق 18 مليار مشاهدة، عالمياً، يحدث الانتشار للهشتاقات من خلال تجاوز جغرافيا الخوارزميات وهذا ما قامت به الأوكرانية “فاسيوتا” التي علقت في لندن عن الحرب واستخدمت التطبيق للنشر في لندن، وبالرغم من إيقاف حساب “فاسيوتا”، إلا إن فيديوهاتها حققت انتشاراً عند تنزيلها وإعادة نشرها عبر المنصات الاجتماعية.
ويبقى السؤال لماذا يتم استخدام أعلى لـ “التيك توك” في الحرب الأخيرة بشكل أكبر من باقي منصات التواصل الاجتماعي، الأمر بكل بساطة للأسباب التالية:
- بيانات الـ “تيك توك” تمنع تتبع مصدر الفيديو.
- ترويج المعلومات المغلوطة دون التحقق منها بحكم عمر المستخدمين الأعلى نشاطاً.
- غالبية الجمهور المستخدم من الفئات العمرية الصغيرة التي تملك مهارات التعامل مع الإعلام الرقمي.
- سهولة الاستخدام والنشر.
- طبيعة عمل خوارزميات المنصة التي تحقق الانتشار السريع.
- محتوى غير محدود ممن الفيديوهات القديمة والمضللة يمكن إعادة استخدمه في التطبيق