الإعلام الإسرائيلي

إعلاميون في بلاط إسرائيل (١ -٥)

كشفت حرب غزة ٢٠٢٣- ٢٠٢٥ الكثير من الوجوه الإعلامية التي تسترت في شعارات ودعاوي مضللة بحجة الإنسانية وحق الآخر في الحياة، ومشروعية الدفاع عن حقوق الأخرين في تنصل واضح وانسلاخ من عروبتهم وإسلامهم، ومنهم من وقف على الحياد في حرب لا حياد فيها أصلاً، وصفهم دانتي في الكوميديا اﻹلهية ‏”اﻷماكن اﻷسخن في الجحيم محجوزة لأولئك الذين يظهر حيادهم أثناء اﻷزمات”.

عملية اختراق الوعي التي نشطت فيها إسرائيل لم تكن وليدة اليوم حيث أدرك الفريق المؤسس لفكرة قيام دولة إسرائيل بأهمية ممارسة أدبيات الهندسة الإعلامية، ويعد تأسيس الإعلام الإسرائيلي سابق على تأسيس الدولة العام 1948؛ من قبل ثيودر هرتزل خلال المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا 1879 فهو أول من نَظَرٍ لفكرة الدولة اليهودية، وتفرغ للكتابة والترويج لها عبر وسائل الإعلام، وجلب موافقات دولية من أجل هجرة اليهود إلى فلسطين؛ وفي ذات الوقت أصدر كتابه “دولة اليهود… محاولة لحل عصري للمسألة اليهودية”؛ فأنشأت الحركة الصهيونية إذاعة موجهة لليهود قبل العام 1948، وطبعت 14صحيفة بينها 4 ناطقة بالعربية، وصدرت صحيفة هآرتس 1919، وصحيفة يديعوت أحرونوت 1939، وصحيفة معاريف 1948، وشكل أول رئيس وزراء للكيان “ديفيد بن غوريون” هيئة رؤساء تحرير الصحف، وبين خلال الاجتماع الأول للهيئة عن التوجيه الاستراتيجي، فقال: “يجب علينا أن نزن أقوالنا، ولا نعطي العدو معلومات، ولا نزرع الفتنة والفوضى في شعبنا”.

من الأهداف الرئيسة للإعلام الإسرائيلي اختراق الوعي (العالمي، العربي، الفلسطيني) والتأثير عليه، وبناء صورة ذهنية إيجابية خارج الأوساط اليهودية عن إسرائيل ، وعراب هذه الفكرة “ناحوم سوكولوف” أحد زعماء الحركة الصهيونية، كان في شبابه من بين اليهود الرافضين للفكرة الصهيونية، غيَّر موقفه بعد مـشاركته في المؤتمر الصهيوني الأول، وصار من أشد المؤيدين للفكرة والمدافعين عنها، وقدّم ما يعد أهم على مستوى الدعاية وصناعة الصورة الذهنية، سواء عبر كتابه الأشهر “تاريخ الصهيونية”، الذي أصدره 1917، أو عبر كتاباته باللغة العبرية، التي ساهمت في تطويرها ومنحها صبغة عصرية.

الاستراتيجية الإعلامية التي اعتمدت عليها إسرائيل منذ التأسيس سعت لتبييض صورتها قبل وبعد احتلال فلسطين، وتقوم على المفاصل التالي:

  • الترويج لفكرة أن إسرائيل ضحية بريئة تعيش في وسط مليء بالكراهية.
  • الترويج لفكرة أن معارضة إسرائيل تنبع من معاداة اليهود كديانة، مع تعظيم الاستفادة من “الاضطهاد الذي عاشه اليهود في أوروبا” وتصديره على الدوام لخدمة هذا التوجه.
  • الترويج لفكرة أن أي نشاط معارض لإسرائيل هو نشاط معادٍ للسامية.
  • الترويج لفكرة “اليهودي الكاره لنفسه” ضد اليهود المعارضين للكيان الصهيوني وأفعاله.

هذه المنطلقات الأربع لا يمكن الجزم بفشلها على المستوي العربي ولكنها نجحت في الانتشار داخل منصات التواصل الاجتماعي العربية، فمن دون تحديد أسماء أو صفات للحسابات التي باتت مفضوحة على مرئ العالم يهاجمون الطرف الفلسطيني وكأنه الذي بادر باحتلال الأرض وقتل من قتل منذ العام ١٩٤٨، والغريب في الأمر أن الكثيرين يقومون بهذه المهمة الأكثر قذارة من مهمات الوحدة ٨٢٠٠ دون تقدير أو راتب إلا لبعض الفئات منهم، معتقدين أنهم بذلك ينفون صفة الحق في المقاومة على كل من احتلت ارضه وأخرج من دياره، ولو التفتوا فيما ينشره الإعلام الإسرائيلي سيتضح له كمية السذاجة التي سقط في وحلها ومنها في أبسطه ما أشار له البروفيسور إيدان لاندو، أستاذ اللغويات بجامعة تل أبيب ومؤسس المدونة السياسية “لا تموت أحمق”، وأحد الأصوات البارزة في كشف الحقائق وسط الدعاية الرسمية الإسرائيلية الذي كشف ضمن تقرير نشره موقع “أسخن مكان في الجحيم“، عن وجود تضليل منهجي تمارسه المؤسسة العسكرية الصهيونية لإخفاء فشلها وإعادة تشكيل الوعي العام بما يتناسب مع مصالحها؛ وتكشف رؤية البروفيسور “إيدان لاندو”، عن صورة مغايرة تمامًا لما يُروج له رسميًا داخل إسرائيل، من التلاعب بالأرقام إلى استغلال الإعلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى