فلسطين

الصمت عن قتل أهل غزة

في فلسطين الجميع يتفرج ولا يمد يد المساعدة بشكل فعلي ويبقى الانصياع والطاعة من الظواهر النفسية المعقدة لها تأثير على السلوك الإنساني بعوامل متعددة ومتشابكة.

وأنت تتأمل حالات القتل المنظم في #غزة هل تساءلت لماذا الصمت المطبق عربيًا وعالميًا إلا من بعض الأصوات لغايات حفظ ماء الوجه لدى العموم؟ وكيف تمضي الأوامر تجاه القتل دون أن يرف جفن القاتل أو بتراجع عن تنفيذ المهمة بعد صدور أمر إطلاق النار؟

لا ألوم على المحتل فهو أصلاً محتل مصيرة القتل أو الخروج من #فلسطين بعمومها؛ ولكن الأمر الذي لا أفهمه وقوف أكثر من 60 ألف عسكري فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة أصلًا مع وجود رئيس السلطة الفلسطينية الذي أصدر أمراً رئيسياً للذهاب إلى غزة لم يحركوا ساكنًا؛ لا بل التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي مازال مستمراً وإن ادعت الأجهزة الأمنية الفلسطينية وقف كامل للتنسيق الأمني.

الطاعة العمياء التي يقوم بها موظفي الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية حالة تستدعي التفكير والكتابة والبحث، حيث العوامل الداخلية والخارجية لها تأثيرٌ قوي في الطاعة، وهذا الأمر يحيلنا إلى استعداد الناس لطاعة أوامر مريبة لرمز سياسي، ووفق تقرير نُشِر في (Plos Biology) بين عالما النفس “أليكس هاسلام” و “ستيفن رايشر” أنها تعتمد على عاملين أساسيين وهما: مقدار موافقة الشخص على هذه الأوامر، ومدى ثقتهم بمن يصدر الأوامر.

إن كان أصاحب الهولوكوست قد ابتكروا مصطلح “المتفرج” في سياق أحداث الهولوكوست قاصدين فيها الحكومات المتحالفة والدول المحايدة والمؤسسات الدينية والمنظمات اليهودية التي لم تحرك ساكنًا وقت ادعاء اليهود بحدوث الهولوكوست لهم وحدهم، وشمل كذلك قاطني المناطق القريبة من الأحداث وغالبًا ما يكونوا قد شاهدوها.

وصف مصطلح “المتفرجين” الأشخاص السلبيين وغير المبالين لما حدث من جرائم القتل الجماعي، ناهيك عن تجنبهم لتوفير أماكن يفر إليها اليهود للاختباء بها، وهذا حالنا اليوم بمستويات التورط لما يحدث في غزة تطالنا جميعًا وهي نظرية عرفت باسم تأثير المتفرج (Bystander Effect) ملخصها أنه في حال كان العدد أكبر في أي حادثة تكون نسبة المساعدة أقل، وكلما كان العدد أقل تكون نسبة المساعدة أكبر.

عودة إلى موظفي السلطة الفلسطينية الأمنيين ولا أستثني منهم أحدًا فهم تحت “تأثير المتفرج” فهم تحت ضغط اجتماعي للانصياع الكامل للسلطة والتقيد بالقواعد والتوجيهات التي يحددها من هم أعلى منهم رتبة، ومنهم من يثق بالسلطة فهم على ثقة عمياء في مؤسسة السلطة كونها تعرف الأفضل وتتخذ القرارات الصائبة، وهناك آخرين بدافع الخوف من العقاب يلجؤون إلى الطاعة لتجنب العقاب، ومنهم يدفعهم الرغبة في الانتماء ليكونوا ضمن التوجيهات التي تحددها السلطة الفلسطينية.

وأخيرًا.. حالة حرب غزة الدائرة منذ شهور مستمرة بطرق مختلفة القاتل يمارس القتل، والمقتول عند ربه، ونحن نتفرج عليهم جميعًا وكأن الأمر لا يعنينا .. الجميع يتفرج ولا يمد يد المساعدة بشكل فعلي ويبقى الانصياع والطاعة من الظواهر النفسية المعقدة لها تأثير على السلوك الإنساني بعوامل متعددة ومتشابكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى