أفيون الخطابات
جعجعة الطحن في الخطاب اليوم مع مقتلة غزة لا تتوقف، فلا معنى للكلام وسط فوضى الدم فلن ينفع كل خطاب التأييد أو المعارضة في وقف هذه الحرب لأن الخطابات في هذا الوقت وببساطة مَلهاة مضيعة للوقت
ثمة أوهام مخدرة لها النصيب الأكبر في استمرار أزمتنا؛ وقد ابتلى العالم العربي بمجموعة من الشخصيات السياسية والإعلامية والفكرية وصاحبة باع طويل في التصريح والوعيد وإطلاق التهديدات البالونية، والمقصود هنا الخطابات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، والكلام الّذي لا يُفضي إلى فِعل؛ ونوايا لا تُترجَم إلى عمل؛ وصخب عالي بعيد عن الواقع ضمن خطاب ينقب عن الكرامات، ويستحضر آيات النصر والثقة والأمل ويدعو أن يزلزل عروش الكافرين دون أن نبذل السبب.
جعجعة الطحن في الخطاب اليوم مع مقتلة غزة لا تتوقف، فلا معنى للكلام وسط فوضى الدم فلن ينفع كل خطاب التأييد أو المعارضة في وقف هذه الحرب لأن الخطابات في هذا الوقت وببساطة مَلهاة مضيعة للوقت والجهد، فأحمد سعيد صاحب ميكرفون الأمس لا يختلف عن أحمد سعيد اليوم في منصات التواصل الاجتماعي فكلاهما يعمل على رفع معنويات الشعب بالأكاذيب، مع تكرار الحالة بشكل مبالغ فيه على منصات الإعلام الرقمي والفضائيات والكل يصرخ ويزبد ويرغي وشعارهم أكذب ثم أكذب حتى تصبح الكذبة حقيقة وبعد حين تنفجر الكذبة في وجهك لتفضح زيف الادعاء.
في الخطابات وحروبها الدائرة على شكل تصريحات وبثوث مرئية تجاوز الأمر التحليلات الكاذبة التي تنشط في مثل هذه المواسم، وكأنها لم تتعلم من عبارات “الصحاف” التي طلت علينا كل يوم لتعلن انتحار الأمريكان، وقتل العلوج على أسوار بغداد ومئات الأسرى والدبابات الأمريكية المدمرة.
لا نتوقع ممن لم يقرأ التاريخ أن يتعلم؛ فهو يأخذ طرف المعلومة ولا يخجل أن يكررها مراراً ليصبح من أكذب الكاذبين بلا خجل ولا انكسار، يكذبون إلى أن تصبح الكذبة حقيقة يتداولها الجمهور حسب قانون جوزف غوبلز وزير الدعاية النازية.
وأخيرًا كل الكاذبين الذين مروا على حياة العرب والعجم ممن خدروا شعوبهم ومؤيديهم بعبارات وتصريحات نارية لم يعتذروا.. إما رحلوا بصمت أو قتلوا من قبل أصحاب أصوات أخرى بدأت ترتفع واعتبروا أن كذابتهم جزءً من واجبهم السياسي والعسكري.
على الأقل اخجلوا من أنفسكم.. دقّقوا المعلومات قبيل النشر..