تفكيك الأكاذيب (4) عندما تحول “الإعلام العربي” إلى صوت “صهيون المقاتلة”!
اليوم تتكون أدوات الإعلام والدعاية الإسرائيلية من عرب مؤيدين ومدافعين ومتبنين لتوجهات إسرائيل بكل دمويتها وعنصريتها
يعرف عن إذاعة “صهيون المقاتلة ” أنها كانت أول محطة إذاعة عملت بشكل سري خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين المحتلة، أنشأتها عصابة الإيتسل في 2 مارس 1939، وكانت تبث ثلاث مرات في الأسبوع، من خلال أجهزة بث بدائية صغيرة ومخفية داخل حقائب سهلة الحمل، ولم يتجاوز بثها في كل مرة عشر دقائق، وكان يجري من موقع مختلف، ويعرف الجمهور مواعيد البث من خلال بيانات من قيادة الإيتسل.
تم تمديد بثها لساعة لاحقاً، وعندما وقع الانقسام داخل الإيتسل، إذ انشق عنها أنصار شتيرن وأقاموا عصابة ليحي في أكتوبر 1939، أخذ أليعيزر سيركيس الذي كان مكلفاً بالبث الأجهزة معه، وبدأت بعدها إذاعة سرية جديدة تعمل لمصلحة ليحي تحت اسم صوت التنظيم السري العبري.
أنهت بثها في 10 أيار / مايو 1948، وذلك في خطاب ألقاه مناحيم بيغن عبر الّاعة أعلن فيه انتهاء الإيتسل كمنظمة سرية وتحولها إلى حزب جديد أطلق عليه اسم حركة حيروت (الحرية) وغيرت المحطة اسمها إلى صوت حيروت.
واليوم تتكون أدوات الإعلام والدعاية الإسرائيلية من مجموعة من الأساليب المبنية على التحليل العلمي، والخبرات المتراكمة في مجال الاتصالات والإعلام والدعاية، وتستخدم كل الوسائل المتاحة من الإذاعة، التلفزيون، والصحافة، والإعلام الرقمي، ومنصات التواصل الاجتماعي، التي يقوم عليها الجاليات اليهودية المنتشرة في كل أنحاء العالم، والمنظمات غير الحكومية، أضف عليها جوقة العرب المؤيدين والمدافعين والمتبنين لتوجهات إسرائيل بكل دمويتها وعنصريتها.
وضمن المراجعة النقدية لأداء الإعلام الإسرائيلي نجده قائم على الترغيب والإثارة، وغسيل الدماغ، والتلاعب بالعواطف، وفق مخطط دعائي بأهداف وفي كل مرحلة أدوات، ومنطق فكري قائم على الأسانيد والحجج.
قوة البروباغندا الإسرائيلية لا يمكن تجاهلها؛ وإلا كيف استطاعت أن تشكل مجموعات عربية وإسلامية من كتاب وصحفيين وإعلاميين ومثقفين ومؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي احتلت أذهان الجمهور وتلاعبت بعواطفه، ونجحت البروباغندا في تحويل الأكاذيب إلى حقيقة.
وعملوا بكل وقاحة لخدمة المشروع الإسرائيلي وتغييب الرواية الفلسطينية والتقليل من شأن الفلسطينيين كشعب، ومارسوا لوم الضحايا من الفلسطينيين، وفي مقالاتهم تجد الفلسطيني هو المعتدي، والإسرائيلي معتدى عليه، والعداء وتسويق الأكاذيب ضد الفلسطينيين، مثل التشكيك في مقتل بعض الفلسطينيين على أيدي الجنود الإسرائيليين والمستوطنين، من خلال تلفيق الأكاذيب حول ظروف استشهادهم، بنقل رواية الناطق العسكري والمتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، رغم أن الحدث فلسطينيي أولًا وأخيًرا.
وفي أسلوب التغطية الإخبارية للوسائل الإعلامية العربية التي يقف عليها التيار المتصهين عربيًا أخذت على عاتقها تعبئة الرأي العام ضد حق الشعب الفلسطيني في المقاومة واتقنوا عرض وجهة النظر الرسمية الإسرائيلية لما يحدث مع الفلسطينيين، فغاب التوازن بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وتبني واضح لمواقف الحكومة الإسرائيلية، وعدم الميل لانتقادها، مع استخدام مصطلح وتعابير انتقائية وقدمت الإسرائيلي على أنه الضحية الفلسطيني مجرم ومذنب ومسؤول عما يجري له.