الإعلام الإسرائيلي

تفكيك الأكاذيب (9) سردية المتصهينين العرب

لست في مجال البحث عن الأسماء والقوائم التي تصدر بين الحين والآخر وتضم اسماء شخصيات فاعلة ضمن المنصات الرقمية للدفاع عن رواية الاحتلال وتبنى السردية “الإسرائيلية” ونشر التطبيع في الإقليم العربي؛ ولكن في توضيح آليات التفكير والنشر والمنصات المعتمدة لترويج إنسانية الاحتلال “الإسرائيلي” على أرض فلسطين.

خيانة اليوم وتجميل صورة اليهودي لم تكن وليدة اليوم أو بعد لقاءات كوبنهاجن أو اتفاقيات أوسلو؛ فهي أسلوب قديم متجذر في العقلية “الإسرائيلية”، منذ بداية الاحتلال لأرض فلسطين وقبل حرب ١٩٤٧ – ١٩٤٨، فكانت البداية مع العام ١٩١٧ للحصول على شكل من أشكال التعاون مع عرب فلسطين، وانطلقت مع توقيع حاييم وايزمان اتفاقية مع الأمير فيصل أحد زعماء الحركة القومية العربية العام ١٩١٩ لتعزيز شعور الحركة بقبول إنشاء وطن لليهود في الوسط العربي.

من الاستراتيجيات التي طورتها الحركة الصهيونية تأسيس الجمعيات الإسلامية / المسيحية ١٩١٨، وتطورت عبر سلسلة من اللقاءات التي عقدها حاييم وايزمان العام ١٩٢٠، وانتجت خطه شاملة لمواجهة المعارضة العربية، ومن أهم ما جاء فيها:

  • رعاية ما اتفق عليه مع حيدر طوقان رئيس بلدية نابلس السابق في آواخر العهد العثماني وممثل المدينة منذ العام ١٩١٢ في مجلس المبعوثان، وتلقى طوقان مبلغ ألف جنيه إسترليني مقابل تعهده بإعداد عريضة لمناصرة الصهيونية في مدينة نابلس وبفتح نادي سياسي في نابلس لنشر الثقافة الصهيونية.
  • تأسيس تحالف مه أمراء العشائر المتنفذة في الجانب الشرقي لنهر الأردن على فرضية ترددهم في دعم الحركة القومية بقيادة النخب الحضرية.
  • التحالف مع البدو في جنوب فلسطين لقطع صلاتهم مع النشطاء القوميين.
  • شراء الصحف المعادية للصهيونية بما يضمن الافتتاحيات السياسية الموالية للحركة الصهيونية، لعلم الصهيونية بقوة الكلمة المكتوبة ولمنع تسرب الشعور القومي الفلسطيني وانتشاره في القاعدة الشعبية العربية.
  • تشجيع إنشاء علاقات صداقة مع العرب وفتح نواد للتعاون.
  • إثارة النزاعات بين المسيحين والمسلمين.

عند النظر في هذه الوثيقة والتي امتددت إلى يومنا هذا بأساليب مختلفة نجد أنها تعمق الشرخ في المجتمع الفلسطيني من ناحية دينية وأثنية، مع تطوير آلية دعاية في الصف بواسطة الكُتاب، وهذا ما يؤكده حاييم كاليفاريسكي، رئيس القسم العربي في الجنة التنفيذية الصهيونية، الذي كتب: “في رأي لم يلحق بنا الضرر أو التخريب للعلاقات بين اليهود والعرب أكثر مما أحدثته الصحف العربية فمنذ أن ولدت الكرمل ـ يقصد صحيفة الكرمل- لم تتوقف عن اتهامنا والافتراء علينا وهذا النشاط الخبيث عزز بعمق كراهيتنا في قلوب العرب، فقد سممت الأجواء ليس في هذه الأرض فحسب بل في مختلف البلاد العربية ويتطلب تنقيتها وتحويل القلب العربي نحونا ثانية ضرورة كسب النفوذ في الصحف العربية سواء بطريقة مباشرة أم غير مباشرة”.

من رجالات تلك المرحلة والذين كتبوا مقالات مؤيدة للصهيونية والأخوة اليهودية العربية بأسمائهم الصريحة أو المستعارة الشيخ العكاوي وهو أسعد الشقيري وهو للمعلومية والد مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية أحمد أسعد الشقيري، والأب الذي كان رجل دين في الجيش التركي راسل ” كاليفاريسكي” العام ١٩٢٥ يبلغه استعداده لكتابه مقالات مطولة وسوف يكسب عندها ماديًا وايديولوجياً، وسار مساعده سعيد أبو حامد على ذات المسار.

وأكدت قيادة “اليوشوف” وهم المجتمع اليهودي في فلسطين قبل قيام “إسرائيل” على أهمية الصحف وكتابة المقالات ضمن جولات النقاش وأهمية الحملات الدعائية: “يجب على المكتب الموحد والقسم الصحفي مساعدة الصحف العربية الواقعة تحت نفوذنا في مواجهة تهجم الكارهين لنا وتحييد اتهاماتهم، كما تحذرهم من مغبة مواقفهم غير العادلة التي لا أساس لها تجاه مهام اليهود في فلسطين، كما الإشارة إلى الضرر والخسائر التي يسببها العرب بمعارضتهم التوصل إلى اتفاق وتفاهم مع اليهود”

ضمن الحالة العربية وصف “المتصهين” يطلق على كل من يؤمن بالرواية “الإسرائيلية” ويعترف بها، ويلهث خلف التطبيع لفك البعد العربي والإسلامي عن القضية الفلسطينية، وفي الأيام الحالية مع عودة “المتصهينين العرب” التي فتحت أول أبوابها جاء بعد توقيع اتفاقيه أوسلو ١٩٩٣، ثم عقد لقاءات دينية مع كبير حاخامات الطائفة الأشكنازية الإسرائيلية والسفير الإسرائيلي في القاهرة مع شيخ الأزهر السابق، محمد سيد طنطاوي أكتوبر 1997وتوالت بعدها اللقاءات ومنها مؤتمر كوبنهاغن الذي ضم أكثر من ستين شخصية إسرائيلية، ومثلهم من الجانبين المصري والعربي، وعقد يومي 29 و30 يناير 1997، في العاصمة الدانماركية، تحت رعاية الاتحاد الأوروبي والحكومة الدانماركية.

قبول التعايش ثقافيًا وإعلاميٍا بتشجيع المثقفين العرب على زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة نقل المتصهينين العرب إلى مرحلة الجهر بالسوء من القول، وهو تيار ينمو ويترعرع ويزداد حضورًا مما يتطلب عدم الاستخفاف به أو التقليل من تأثيره، لأن خونة الأمس واليوم وغدًا من مرتزقة الإعلام والمتصهينين العرب يسعون إلى تحقيق أربع عناصر أساسية وهي:

  • تصوير السمات الإيجابية “لإسرائيل”.
  • بناء النموذج الإيجابي للعلاقات العربية “الإسرائيلية”.
  • سلبية القيادة الفلسطينية والعربية المعارضة للفكر الصهيوني.
  • توسيع الشق الديني والأثني في المجتمع العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى