حين تتجاوز السخرية التفكير المنطقي
خبر كاذب
“نجحت شركة الأكلات العربية في حصاد أول وجبه “منسف” قدمت للمستهلكين طازجة، وجاري حاليًا تصديرها إلى العديد من دول العالم، وقالت الشركة المصنعة أن العلماء المتخصصين في زراعة المنسف نجحوا من خلال تجارب أولية أشرف عليها متخصصين انتجت وفق أبحاث نشرت في مجلات علمية محكمة في ألمانيا، وطبقت عليها تجارب أولية في كبرى مراكز الأبحاث الغذائية لتطوير الشكل الحالي الذي تم التوصل له، منوهين على نجاح التجربة، كما أشار كبير الباحثين أن تطوير الصناعة جاري حاليًا لزراعة أنواع مختلفة من الطعام العربي ومنها “المندي” وكذلك أطباق من “المقلوبة” و “شوربة الحريرية” المعروفة في المغرب العربي”!!!
مع الاحتفال العالمي بـ 1 إبريل من كل عام بكذبة إبريل، وضمن مشهد تخيلي وغير حقيقي تخيل معي هذا الخبر لو كان منشوراً.
“نجحت شركة الأكلات العربية في حصاد أول وجبه “منسف” قدمت للمستهلكين طازجة، وجاري حاليًا تصديرها إلى العديد من دول العالم، وقالت الشركة المصنعة أن العلماء المتخصصين في زراعة المنسف نجحوا من خلال تجارب أولية أشرف عليها متخصصين انتجت وفق أبحاث نشرت في مجلات علمية محكمة في ألمانيا، وطبقت عليها تجارب أولية في كبرى مراكز الأبحاث الغذائية لتطوير الشكل الحالي الذي تم التوصل له، منوهين على نجاح التجربة، كما أشار كبير الباحثين أن تطوير الصناعة جاري حاليًا لزراعة أنواع مختلفة من الطعام العربي ومنها “المندي” وكذلك أطباق من “المقلوبة” و “شوربة الحريرية” المعروفة في المغرب العربي”!!! انتهى الخبر
تخيل أن يصدر هذا الخبر ضمن وكالة أنباء رسمية على سبيل المثال ويتم تداوله على مستوى العالم وتعج به وسائل التواصل الاجتماعي ومؤثرين للحصول على سبق النقل دون التحقق من المعلومة، أو حتى معرفة الجهة الناقلة للخبر أو تدقيق مضمون الخبر أو التقصي عن الجهة القائمة على نشر الخبر!!! أو ممارسة آليات التفكير النقدي البسيط على مضمون الخبر.
للحق تم بناء هذا التصور للخبر مستنداً على خبر نشر قبل 68 عامًا تقريبًا، وتضمن “حصاد السباغيتي في الأول من أبريل عام 1957” حيث تضمن الخبر تقرير فيديو لما وصفه عائلة سويسرية تحصد السباغيتي من الأشجار وكانت اللقطات بالأبيض والأسود وكتب القصة “ريتشارد ديمبلبي” ونشرت ضمن تقارير هيئة الإذاعة البريطانية BBC.
يعد هذا الخبر الأول ضمن ما أصبح تقليدًا ينشر في الصحافة البريطانية لنشر قصصًا غريبة لا أساس لها من الصحة من أجل المتعة، وينشر في الأول من أبريل من كل عام.
مشكلة اليوم أن كذبات أبريل التي كانت للتسلية والجمهور يعرف أنها للتسلية أصبحت تنتشر بشكل أسرع بعد ظهور علاقة مختلفة ما بين المرسل والرسالة والمستقبل وانخراط المرسل في عصر الأخبار المزيفة والمعلومات المضللة، وتلاشي دور التحقق من قبل المستقبل وتقلص أو تلاشي مسائل الثقة ما بين المرسل والمستقبل.
في عالم اليوم لم يعد نشر الأخبار المجردة من الحقائق العلمية على أنها مزحة؛ بل يتم نقلها وتداولها كأنها حقائق لا تقبل الجدل ضمن منصات التواصل الاجتماعي، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة كولومبيا، يتشارك الكثيرون المقالات الإخبارية دون قراءة كلمة واحدة منها وهذا ما أثبته دراسة: “النقرات الاجتماعية: ما الذي يقرأه الناس على تويتر ومن يقرأه؟” استخلصت نتائجها من تحليل 2.8 مليون منشور، حققت 75 مليار مشاهدة محتملة على وسائل التواصل الاجتماعي، و 9.6 مليون تفاعل من قبل أكثر من 95 ألف مستخدم.
خلاصة القول؛ تعتمد مواقع الأخبار عبر الإنترنت بشكل متزايد على وسائل التواصل الاجتماعي لجلب الزيارات إلى مواقعها الإلكترونية، وقصص الأخبار التي تصادف يوم كذبة أبريل تأتي على “خلفية من الشكوك المتزايدة حول الأخبار بشكل عام، حيث يعد اللعب بالمصداقية ضارًا بالحقائق، يؤججها المناخ السياسي العالمي، وتساهم وسائل التواصل الاجتماعي بسهولة إخراج قصة إخبارية من سياقها، ومن ثم نشرها بواسطة الجمهور، مع قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على نشر الأخبار الكاذبة من خلال مواقع “مزيفة” والتي غالبًا ما تحاكي مواقع الأخبار الحقيقة في محاولة لاكتساب المصداقية، وفقًا للأبحاث والدراسات فإن وسائل التواصل الاجتماعي تستطيع نشر الادعاءات الزائفة، ما يسبب ترويجها أسرع من الأخبار الحقيقية؛ لأنها مصممة عادةً لجذب الانتباه وملامسة المشاعر؛ بما تحتوي من تفاصيل غريبة تثير الغضب أو الخوف أو الفضول أو التعاطف.، كما يمكن لروبوتات وسائل التواصل الاجتماعي أن تنشر أخبارًا مضللة؛ لأنها تستطيع أن تنتج، وتنشر المحتوى على نطاق واسع، بغض النظر عن مصداقية مصادرها، وتعرض أحداثًا وتفاصيل ووقائع لم تحدث على أرض الواقع، ويمكن أن تكون النتائج مقنعة للغاية ويصعب اكتشاف أنها زائفة.