فلسطين

عن وحوش غزة وإنسانية إسرائيل

الهالة الإعلامية الظاهرة اليوم أن إسرائيل تحاول أن تُظهر جانبها الإنساني؛ بينما هي في الأساس جهة استيطانية تدافع عن مشروعها الوظيفي القائم على أرض فلسطين، ومع اشتداد الوحشية وتجلي صورها بشكل أكثر شراسة وخاصة مع تنوع أشكال وحالات القتل المتعمدة والقتل العشوائي لكل من يتحرك في قطاع غزة، والكثير من المسكوت عنة في مدن وقرى الضفة الغربية، ومع وتفاقُم الجوع في غزة، وإعلان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP)، أن جميع المخابز الـ 25 التي ساعد في تشغيلها في قطاع غزة أُغلقت الآن بسبب النقص في الدقيق والوقود.

وضمن تحليل سياسات فرض الجوع على سكان قطاع غزة والدور الكبير الذي تمارسه إسرائيل بهذا الخصوص نجد أن القرار الذي اتخذته القيادة السياسية الإسرائيلية بشأن منع مرور أيّ مساعدات إنسانية إلى غزة، ورفض المحكمة العليا الإسرائيلية التماس قدّمت خمس منظمات من المجتمع المدني الإسرائيلي، وهي: “جيشا”، و”المركز لحماية الفرد”، و”أطباء من أجل حقوق الإنسان”، و”جمعية حقوق المواطن”، و”عدالة”، يطالب “الدولة” بضمان إيصال المساعدات والإمدادات الحيوية إلى غزة، وبعد مرور عام وخمس مداولات، رفضت المحكمة العليا الالتماس، وقررت أن إسرائيل تفي بالتزاماتها، بموجب القانونين الإسرائيلي والدولي.

وأشار الحكم بشكل صريح إلى أن المحكمة لن تتطرق إلى قرار وقف مرور المساعدات إلى القطاع عبر إسرائيل، ووقف بيع الكهرباء لغزة، لأن “الإجراء الحالي ليس الإطار المناسب للنظر في هذه القرارات، التي تنطوي على تغيّر كبير في الظروف”، وبما أن الحكم استند، من بين أمور أُخرى، إلى تصريح الدولة بأنه لا توجد قيود على كمية المساعدات التي تدخل إلى غزة، فإن هذا الاختيار وحده يكفي ليجعل الحكم فارغاً من مضمونه.

نظرت المحكمة في الشروط القانونية لتطبيق قوانين الاحتلال، وتبنّت موقف الدولة الذي يفيد بأن غزة ليست أرضاً محتلة. وذلك بخلاف ما قررته محكمة العدل الدولية (ICJ) في يوليو 2024، والتي رأت أن قوانين الاحتلال تسري على قطاع غزة، قبل وبعد السابع من أكتوبر واندلاع الحرب، وبالتالي، تقع على عاتق إسرائيل التزامات واسعة تجاه السكان المدنيين.
وضمن فهم حالات القتل العشوائي وحالات القتل وفق القانون لا بد النظر إلى الجذور فمثلاً منذ البدايات تنكر الأدبيات الصهيونية وجود الإنسان الفلسطيني كإنسان حقيقي يعيش في أرضه وأرض أجداده فهو مهما كان إنسان شرقي متخلف لا تاريخ له ولا أرض وعليه أن يدفع ثمن الكوارث التي تعرض لها اليهود.

وضمن التفسيرات لحالة الحرب على المكون الفلسطيني؛ نجد أن الآلة الإعلامية الإسرائيلية تتحدث بشكل متواصل عن تلقي مجموعات المقاومة الفلسطينية أوامرها من الخارج إيران تحديداً، وبالعودة إلى تاريخ الحركة الصهيونية وتفسير الثورات الفلسطينية ضد إسرائيل؛ فقد وصف إسحاق بن تزفي وهو رئيس إسرائيلي سابق المقاومة العربية بأنها مجرد مذبحة يرتكبها المعادون لليهود، وقام قنصل فلسطين في روسيا وقتها بالتحريض عليه.

وفي العشرينات كان المحرض حسب الرواية الصهيونية عملاء إنجلترا ثم فرنسا، والألمان والإيطاليين في الثلاثينيات محرضين للثورة، وفي الاربعينيات كان المسؤول عن ثورة الفلسطينيين سلطات الانتداب البريطاني والإدارة العسكرية في فلسطين.

وحتى بن جوريون وصف ثورات الفلسطينين أنها مسألة مجموعة من العصابات الممولة من الخارج، وفلادمير جوبتسكي صرح أن العرب لن يقبلوا بالصهيونية وتحيزاتها إلا إذا وجدوا أنفسهم في مواجهة حائط حديدي وهو ذاته من طالب أكثر من مرة بتسليح المستوطنين.

الحالة الحالية من عدم اعتراف إسرائيل كونها تمارس القتل في منطقة مدنية تلقي التهمة على الأخرين ضمن تفريغ حالات القتل من المضمون الإنساني وتحويل القاتل إلى ضحية هو حالة صراعية لن تنتهي فإسرائيل تعمل على زيادة المكون الصهيوني في فلسطين اقتصادياًَ واجتماعياً وعسكرياً وفي المقابل تصفية الوجود الفلسطيني على كامل التراب الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى