فلسطين

علاقة مايكروسوفت بالوحدة 8200

مركز البحث والتطوير التابع لشركة مايكروسوفت في فلسطين المحتلة

يعود اهتمام “يوسي سارييل”، رئيس الوحدة ٨٢٠٠ بتطوير البنية التحتية للمراقبة الجماعية في إسرائيل إلى عام ٢٠١٥، عندما كان ضابط استخبارات في القيادة المركزية الإسرائيلية، ومع تزايد عمليات الطعن المنفردة في الضفة الغربية والقدس وداخل الخط الأخضر، نفّذها فلسطينيون لم تكن أجهزة الأمن الإسرائيلية تعرفهم من قبل، مما صعّب إحباط هذه الهجمات بشكل كبير.

وكان الحل الذي اقترحه “يوسي سارييل”، وفقا لضابط استخبارات كان يعمل تحت إمرته في ذلك الوقت، هو البدء في “تعقب الجميع، طوال الوقت”، ثم قاد مشروعًا واسع النطاق وممولًا تمويلًا جيدًا، وسّع بشكل كبير نطاق مراقبة إسرائيل للفلسطينيين، ودمج قواعد بيانات استخباراتية متعددة.

في كتابه، أشار “يوسي سارييل” عن حاجة وكالات الاستخبارات إلى “الانتقال إلى السحابة” للتعامل مع مشكلة كيفية تخزين كميات هائلة من البيانات بشكل متزايد، وكشف موقعا +972 أن الجيش الإسرائيلي استخدم أيضًا منصة الحوسبة السحابية التابعة لشركة أمازون، AWS، لتخزين البيانات العسكرية الداخلية، واعتبر “يوسي سارييل” أن التعاون مع مايكروسوفت إنجازًا كبيرًا، خاصةً لأنه سيُتيح تخزينًا ضخمًا للملفات الصوتية. وقد وصفت مصادر متعددة حجم المشروع بأنه “لانهائي”.

في السابق، كانت الوحدة 8200 قادرة على تخزين مكالمات عشرات الآلاف من الفلسطينيين المصنفين “مشتبه بهم” على خوادمها الداخلية. كما طورت الوحدة نظامًا يُسمى “الرسائل المشوشة”، يجمع الرسائل النصية للفلسطينيين ويمنح كل منها تصنيفًا يشير إلى مستوى “خطورته”. ولكن بمساعدة Azure، تمكنت الوحدة 8200 من البدء في تخزين مكالمات ملايين الفلسطينيين، مما وسّع نطاق بياناتها بشكل كبير.

تستخدم وحدة الحرب السيبرانية في الجيش الإسرائيلي خوادم سحابية تابعة لشركة مايكروسوفت لتخزين كميات هائلة من المعلومات الاستخباراتية عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، وهي المعلومات التي تم استخدامها للتخطيط لضربات جوية قاتلة وتشكيل العمليات العسكرية.

ونقلت الوحدة 8200، ملفات صوتية لملايين المكالمات التي أجراها فلسطينيون في الأراضي المحتلة إلى منصة مايكروسوفت للحوسبة السحابية، Azure، مُشغِّلةً بذلك ما يُرجَّح أنه أحد أكبر وأكثر عمليات جمع بيانات المراقبة تطفلاً في العالم على فئة سكانية واحدة.

ونشرت موقع +972 تحقيقًا تضمن مقابلات مع 11 مصدرًا من مايكروسوفت والاستخبارات الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من وثائق مايكروسوفت الداخلية المُسرَّبة التي حصلت عليها صحيفة الغارديان. 

وفي اجتماع عُقد في مقر مايكروسوفت في سياتل أواخر عام ٢٠٢١، حصل “يوسي سارييل”، رئيس الوحدة ٨٢٠٠، على دعم الرئيس التنفيذي لشركة التكنولوجيا العملاقة، “ساتيا ناديلا”، لتطوير منطقة مُخصصة ومعزولة داخل أزور، مما سهّل مشروع المراقبة الجماعية للجيش. ووفقًا للمصادر، تواصل سارييل مع مايكروسوفت لأن نطاق المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية عن ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة واسع جدًا لدرجة أنه لا يمكن تخزينها على خوادم عسكرية فقط. أعلى النموذجأسفل النموذجومكنت قدرات التخزين والقدرة الحاسوبية الهائلة التي تتمتع بها شركة مايكروسوفت من تحقيق ما وصفه العديد من المصادر الإسرائيلية بالهدف الطموح للمشروع: تخزين “مليون مكالمة في الساعة”. 

وفقًا لتقرير صحيفة الغارديان، تشير الوثائق المسربة إلى أن 11,500 تيرابايت من بيانات الجيش الإسرائيلي – أي ما يعادل حوالي 200 مليون ساعة من التسجيلات الصوتية – كانت مخزنة على خوادم مايكروسوفت في هولندا بحلول يوليو ٢٠٢٥، بينما كانت كميات أصغر مخزنة في أيرلندا وإسرائيل. ولا يُمكن تحديد نسبة هذه البيانات التي تخص الوحدة 8200 تحديدًا.

تكشف الوثائق المسربة أيضًا أنه قبل حرب غزة الحالية، اعتبرت قيادة مايكروسوفت تعزيز علاقة الشركة مع الوحدة 8200 فرصةً تجاريةً مربحةً، ووصفتها داخليًا بأنها “لحظةٌ تاريخيةٌ في بناء علامة Azure التجارية”. ووصف ناديلا نفسه، خلال اجتماعه مع سارييل عام 2021، الشراكة بأنها “حاسمة” لمايكروسوفت، والتزم بتوفير الموارد اللازمة لدعمها.

الرفض للمهمة كان واضحًا، ولكن بدون جدوى، وفي الوحدة ٨٢٠٠ لم يكن الجميع راضيًا عن هذه الشراكة، لأن تكلفة نقل البيانات إلى خوادم مايكروسوفت كانت أعلى بكثير من تكلفة شراء الخوادم والمعالجات بشكل مستقل. وشعر آخرون في الوحدة بعدم الارتياح لتخزين معلومات حساسة في الخارج. وصرحت مايكروسوفت بأنها لم تجد “أدلة” على استخدام تقنيتها لإيذاء الفلسطينيين في غزة، والشركة لم تكن على علم باستخدام منتجاتها للمساعدة في مراقبة المدنيين. إلا أن ثلاثة مصادر استخباراتية إسرائيلية ذكرت أن كنز المعلومات الاستخبارية السحابية للوحدة 8200 قد استُخدم على مدار العامين الماضيين للتخطيط لغارات جوية قاتلة في غزة، وأنه غالبًا ما يُشكل أساسًا للاعتقالات وعمليات عسكرية أخرى في الضفة الغربية، وحسب مصدر استخباراتي نشر في التحقيق: “بالنسبة ليوسي، كانت كلمتا “السحابة” و”مايكروسوفت” من الكلمات الطنانة. باعها داخليًا، وهكذا حصل على ميزانية ضخمة. قال إنها الحل لمشكلتنا في الساحة الفلسطينية، وأن هذا هو المستقبل”.

ضمن جهود حفظ البياناتكان من المتوقع حفظ بيانات Azure في مراكز بيانات مايكروسوفت خارج إسرائيل؛ إلا أن وزارتي العدل والمالية الإسرائيليتين أعربتا عن مخاوفهما من دعاوى قضائية محتملة ضد مزودي خدمات السحابة في الخارج، مما قد يُجبرهم على تسليم البيانات المخزنة إذا اشتُبه في استخدامها لانتهاك حقوق الإنسان؛ وقد حذّرت وثيقة لوزارة العدل من أن رفع دعوى قضائية محتمل سيضرّ بإسرائيل بشكل خاص.

هذه المراقبة الشاملة تسمح لإسرائيل بالعثور على معلومات قد تدين أي فلسطيني تقريباً، ويمكن استخدامها لأغراض مختلفة ــ بما في ذلك الابتزاز، أو الاعتقال الإداري، أو تبرير القتل بأثر رجعي، وعندما يحتاجون إلى اعتقال شخص ما ولا يوجد سبب وجيه كافٍ لذلك، فإن ما وصف بـ “مستودع المراقبة” هو المكان الذي يجدون فيه العذر.

استجابةً للضغوط المتزايدة من الموظفين وكبار المساهمين، أعلنت مايكروسوفت أنها أجرت مراجعةً لما إذا كانت مبيعاتها لوزارة الدفاع الإسرائيلية قد أدت إلى انتهاكات لحقوق الإنسان. ووفقًا للبيان، قدمت مايكروسوفت “دعمًا طارئًا محدودًا” للجيش الإسرائيلي في أعقاب 7 أكتوبر “للمساعدة في إنقاذ الرهائن”. وأكدت الشركة أنه “لا يوجد دليل حتى الآن” على أن الجيش استخدم Azure “لإيذاء المدنيين في النزاع في غزة”، مؤكدةً أن دعم مايكروسوفت لم ينتهك “خصوصية المدنيين في غزة وحقوقهم الأخرى”. 

وصرّح متحدث باسم مايكروسوفت: “ارتكز تعاون مايكروسوفت مع الوحدة 8200 على تعزيز الأمن السيبراني وحماية إسرائيل من الهجمات السيبرانية التي تُشنّها دولٌ وهجمات إرهابية. وأوضح المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي أن “التنسيق بين وزارة الدفاع وجيش الدفاع الإسرائيلي مع الشركات المدنية يتم على أساس اتفاقيات منظمة وخاضعة للإشراف القانوني”، مضيفا أن الجيش يعمل “وفقا للقانون الدولي، بهدف مكافحة الإرهاب وضمان أمن الدولة ومواطنيها”.

وببين التحقيق أن “يوسي سارييل” ورفض التعليق، وأحالنا إلى المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي، وأصدر المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي بيانًا آخر جاء فيه: “نُقدّر دعم مايكروسوفت لحماية أمننا السيبراني. نؤكد أن مايكروسوفت لم تتعاون مع جيش الدفاع الإسرائيلي في تخزين أو معالجة البيانات، ولم تكن كذلك”.

مصادر مرجعية

https://www.theguardian.com/world/2025/aug/06/microsoft-israeli-military-palestinian-phone-calls-cloud

https://blogs.microsoft.com/on-the-issues/2025/05/15/statement-technology-israel-gaza /

https://www.972mag.com/microsoft-azure-openai-israeli-army-cloud /

https://www.972mag.com/cloud-israeli-army-gaza-amazon-google-microsoft /

https://www.972mag.com/microsoft-8200-intelligence-surveillance-cloud-azure/?utm_source=972+Magazine+Newsletter&utm_campaign=904e929321-EMAIL_CAMPAIGN_2025_09_29_02_57&utm_medium=email&utm_term=0_-904e929321-1401548582

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى