أحزاب الأردن على الرف
حسب دليل الحياة السياسية في الأردن يبلغ عدد الأحزاب السياسية الأردنية 57 حزباً، ويؤرخ لبداية الحياة الحزبية في الأردن قبل إعلان تأسيس إمارة شرق الأردن 1921، حيث انتظم بعض الأردنيين عام 1919 في حزب الاستقلال السوري، وعندما انشأت إمارة شرقي الأردن، تم تأسيس فرع لهذا الحزب في الأردن، وشارك بعض أعضائه في أول حكومة أردنية برئاسة رشيد طليع 1921، ثم توالى بعد ذلك تأسيس الأحزاب السياسية في الأردن.
الحالة الحزبية الأردنية حالة غريبة وعند مقارنة البدايات مع الوضع الحالي تجد أن الصورة العامة للأحزاب تراجعت ولم تعد كما كانت خلال فترة تأسيس الدولة الأردنية، فمثلاً طالب حزب الشعب الأردني 1927 وهو أول حزب أردني؛ طالب بتكوين مجلس نيابي منتخب وحكومة مسئولة أمامه، ومع تطور التجربة السياسية الأردنية وظهور عدة تيارات حزبية ونشاط حزبي ملحوظ تعددت الأحزاب واختلف مسمياتها وكان لها برامج ومشاركات في برامج حكومية ونيابية، ومع العام 1957 ونتيجة الظروف السياسية تم الإعلان عن حالة الطوارئ وتوقف النشاط الحزبي حتى 1989 وبعدها عادت الحياة الديمقراطية والبرلمانية.
تنشط الدعوات في الأردن لتشكيل أحزاب على أساس برامج وليس على أساس أشخاص، ولكن الحقيقة المؤلمة أن وجود الأحزاب في الأردن ما هي إلا نوع من الترف السياسي واجتماعاتها حديث مجالس لنخبة سياسية مترفة ومتقاعدين ووصوليين، ولا تجد برنامج واضح ولا تمثيل في الحكومة لها أو حتى من يتحدث باسمها في الشارع أو تبنى موقف من الأحداث الداخلية على الساحة الأردنية، وفي أحسن الأحوال لا يتعدى عدد المنتسبين للأحزاب الأردنية حاجز الـ 50 ألف منتسب في أفضل التقديرات.
حالة عدم المشاركة في الحياة الحزبية الأردنية انطلقت من ثلاث عوامل، الأول “الحزب” الذي لم ينشط ولم يقدم أي تواصل حقيقي مع الشارع بسبب ضعف التوعية بنشاطه والتعريف ببرامجه السياسية وأنشطته في دورات المجلس النيابي المتعاقبة أو مع رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة.
العامل الثاني “محاربة حكومية” تمثلت في التشريعات والقوانين التي حاربت الأحزاب، ومنعت توظيف من ينتمون للأحزاب في وظائف حكومية، ومضايقة الحزبيين، ومنع النشاطات الحزبية وفق قوانين عدة.
العامل الثالث “الشارع الأردني” الذي لم يعد يثق بالأحزاب أو بدور المجلس النيابي الذي تحول من دورة الوظيفي “التشريعي والرقابي” على الأداء إلى خدمي بشكل واضح للمنتفعين من الدوائر الانتخابية وتقديم منافع ذاتية لهم حسب المصالح ودرجة القرب.
وطالما أن التفكير خارج الصندوق أمر مهم وحل لمعالجة المشاكل؛ فربما يفيد هذا المقترح الحزبية العرجاء في الأردن، لأن الكثير من الأحزاب الأردنية على الرف أكلها الغبار والعفن، وطالما أن الموقرين أعضاء المجلس النيابي قاموا بجولة لم تتعد ثواني لقيادة السكوتر الكهربائي بعد ارتفاع أسعار المحروقات مؤخراً في حل خارج الصندوق، فأقترح على وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية دراسة تجربة مجموعة Computer Lars الدنماركية لتأسيس حزب أطلقت عليه اسم “الحزب الاصطناعي” بالتعاون مع مركز Mindfuture لبحوث التكنولوجيا، وتم تزويده بجميع النصوص المنشورة على الإنترنت من قبل الأحزاب الدنماركية الصغيرة التي لا يمكنها المشاركة في الانتخابات، وهو أول حزب سياسي يدار بالكامل بواسطة تقنيات الذكاء الصناعي ويستهدف في مرحلة أولى الحصول على مقعد في البرلمان عسى أن يتم تطوير النظام السياسي الراسخ إلى شيء قادر على تمثيل شعبي حقيقي.
وختاماً .. هي ظلمات ثلاث تحيط بالعمل الحزبي الأردني ضعف الحزب في اقناع الجمهور للمشاركة السياسة، تغول حكومي بفعل القرارات، عدم الثقة أصلاً في البرامج والأحزاب القائمة والنتيجة أحزاب ليست فاعلة ومخصصاتها بطون الفقراء أولى بها.