فهم آليات الخداع والتضليل الإعلامي
تفاقمت مشكلة التضليل الإعلامي وأصبحت ذات تأثيرات مدمرة على نطاق عالمي بعد نمو الشبكات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت في كل مكان، وقدم العصر الرقمي فرصًا غير مسبوقة لمروجي المعلومات المضللة، سواء كانوا دول أو مجموعات سياسية أو حركات أيديولوجية أو ناشطين لقضايا خبيثة أو مشكوك فيها، حيث يستخدم التضليل الإعلامي لتفتيت المعتقدات القائمة، وزرع معتقدات زائفة، وإغواء ضحاياه لخدمة أجندة اللاعب الذي أنتجها، وساهم التقدم في التقنيات الرقمية بالاستهداف الدقيق من خلال السرد المخصص بشكل فردي، وإنتاج “التزييف العميق” لإقناع الجماهير.
ضمن الأدبيات الحالية يُستخدم مصطلح “التضليل” باعتباره خداعًا متعمدًا، ولكن ممارسة التضليل حدث عرضي غالباً ما يكون غير مقصود، وكثيرًا ما يتم تصنيف على أنه “أخبار كاذبة”
يُعرف الخداع بأنه فعل أو تقاعس متعمد يهدف إلى دفع طرف ثانٍ إلى حالة اعتقاد زائف أو الحفاظ على حالة اعتقاد زائف، وقد يكون مقصد الطرف الذي يُنتج الخداع هو إلحاق الضرر بالطرف المخدوع أو لا يكون كذلك”.
ولتحقيق الخداع هناك أربع طرق مختلفة يمكن من خلالها تنفيذ عمليات الخداع، وضمن الممارسة العملية غالبًا ما نرى عمليات خداع مركبة، حيث يتم الجمع بين العديد من هذه الأساليب لخداع الضحية.
- إخفاء الحقيقة، يعتمد تدهور المعلومات على ما عن طريق دفنها في إشارة أو ضوضاء في الخلفية.
- الإغراق برسائل غير ذات صلة، بهدف صرف الانتباه عن الرسائل الحقيقية.
- التقليد وإفساد المعلومات، ليبدوا المزيف مشابهًا بدرجة كافية للحقيقية.
- التزييف العميق المعاصرة، وهو من أذكى أنواع الخداع، ويتم للتلاعب بالمعلومات بشكل عام.
ويبقى السؤال المهم لماذا بعض الجمهور أكثر عرضة للخداع من غيرهم؟
يعتمد على كيفية معالجة الأفراد لما يدركونه، فالأفراد المتشككين وأصحاب التفكير النقدي، قادرون في كثير من الأحيان على كشف الخداع ورفضه، أما السذج فهم عرضة للخداع، لأنهم إما غير قادرين أو غير راغبين في تقييم ملاحظاتهم بشكل نقدي.
ومن نقاط الضعف الشائعة التحيز التأكيدي وهو الميل إلى البحث عن المعلومات وتفسيرها وتفضيلها واسترجاعها بطريقة تؤكد أو تدعم معتقدات الفرد أو قيمه السابقة، وكذلك تأثير “دونينج-كروج”، حيث يبالغ الأشخاص ذوو الكفاءة المحدودة في مجال معين في تقدير قدراتهم
ومن خلال استخدام التقنيتين ” التحيز التأكيدي وتأثير دونينج-كروج” يمكن نشر المعلومات المضللة لإغواء الجماهير من خلال التحيزات المعرفية المعروفة، وهي تقنية تستخدم على نطاق واسع في وسائل الإعلام المستقطبة سياسياً، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتحقق من الحقائق، وعادة ما تكون الرسائل الصادقة أقل إغراءً من الرسائل المزيفة.
ومن الأسباب الأخرى سلوك الشبكات الاجتماعية، وخاصة عندما تكون متصلة بشبكات رقمية واسعة النطاق حيث تنتشر الرسائل الخادعة في أغلب الأحيان بشكل أسرع، وغالبًا ما يكون “المؤثرون” على وسائل التواصل الاجتماعي “ناشرين فائقين” للمعلومات المضللة.